ويمكن أن يعرف بأنه : اعتقاد أن الله واحد لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته | الله الواحد حينما يتفكر في هذا ، ويُمعن النظر فيه، فإنّه يُلاحظ وحدة نظام الكون ودقته، وذلك من أكبر الأجرام والكواكب إلى أصغر ذرةٍ فيه، ويُلاحظ الناظر التناسق المُحكم، والبديع الذي لا يَطاله خلل أو اضطراب أو فساد، وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ، لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ، فهو خلقٌ بديعٌ وعظيمٌ للكون، ومجراته، وكواكبه، ونجومه، وأقماره، حيث يسير في حركةٍ متناغمةٍ، وبكل دقة، وهي حركةٌ مُقدّرةٌ، حيث تترابط أجزاء ببعضها ترابطاً تاماً |
---|---|
فعلينا أن نتَّعِظ أن الله شديد العقاب، وأنه يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يُفلته | فإن قال قائل: هل ورد لفظٌ صريح عن السلف بأنهم فسروا استوى بـ"علا"؟ قلنا: نعم ورد ذلك عن السلف، وعلى فرض أن لا يكون ورد عنهم صريحاً فإن الأصل فيما دل عليه اللفظ في والسنة النبوية أنه باق على ما تقتضيه اللغة العربية من المعنى فيكون إثبات السلف له على هذا المعنى |
أقسام التوحيد توحيد الربوبية هو ما يخص الله تعالى من أمر الربوبية أي قيامه على الكون من إيجاد وملك وتدبير | فمعنى استوى على العرش أي: علا عليه علوّاً خاصاً يليق بجلاله وعظمته، فإذا فسر الاستواء بالاستيلاء فقد حرف الكلم عن مواضعه حيث نفي المعنى الذي تدل عليه لغة القرآن وهو العلو وأثبت معنى آخر باطلاً |
---|---|
أثبت الله لنفسه الغني ونفى عن نفسه الفقر، أثبت لنفسه صفات الكمال والجلال والجمال ونفى عن نفسه صفات النقص | وبالرغم من أن هذه الأجزاء عبارة عن وحدات متفارقة في الأساس، أي أنّ لكل وحدة منها وظيفة خاصة تؤديها، دون أن يكون عمل أي وحدة من الوحدات، أو أي جزءٍ من الأجزاء سبباً في فساد وحدةٍ أخرى، أو جزء آخر من الأجزاء الكثيرة والتي لا حصر لأعدادها في هذا الفسيح، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ جميع هذه تنطبق في الدقة، وحسن التدبير على جميع الكون، فما ينطبق في السماء، ينطبق كذلك في الأرض، وكلها تخضع لنظامٍ غايةٍ في الدقة والعظمة |
وأخيراً أسأل الله ـ تبارك وتعالى ـ أن ينفعنا بما نقول ونسمع، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه، وأن يغفر لنا زللنا وخطأنا، إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
8رابعاً: أنه مخالف لإجماع السلف الصالح رضوان الله عليهم | فلو فرض أن رجلاً يقر إقراراً كاملاً بتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات لكن يذهب إلى فيعبد صاحبه أو ينذر له قرباناً يتقرب به إليه فإن هذا مشرك كافر خالد في ، قال الله تبارك وتعالى: { إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}، ومن المعلوم لكل من قرأ كتاب الله عز وجل أن المشركين الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم واستحل دماءهم، وأموالهم وسبى نساءهم، وذريتهم، وغنم أرضهم كانوا مقرين بأن الله تعالى وحده هو الرب الخالق لا يشكون في ذلك، ولكن لما كانوا يعبدون معه غيره صاروا بذلك مشركين مباحي الدم والمال |
---|---|
إقرار مشركي العرب بالربوبية كان مشركو العرب يقرّون الربوبية، وكانوا يؤمنون بأنّ الله هو الخالق، ومع ذلك كانوا يعبدون مع الله آلهة أخرى، حيث كانوا يقرّون بأن الله هو الخالق، وأنّ ما يعبدونه من أصنام لا تشارك الله في الخلق، وأنّ خالق الأرض والسموات هو الله وحده، يقول تعالى: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ، ويقول تعالى: قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ، فكان مشركو العرب مُقرّين بالربوبية، إلا أنّهم كانوا يعبدون مع الله آلهة أخرى، وهذه هي المشكلة عندهم، حيث إنّهم لم يكونوا مقرّين بالألوهية؛ بل كانوا يعبدون مع الله آلهةً أخرى؛ ويدَّعون أنّهم يعبدونها لتقربهم من الله تعالى، يقول الله تعالى عنهم: أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ | وأنواع التوحيد بالنسبة لله عز وجل تدخل كلها في تعريف عام وهو"إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به" |
فلو أن رجلاً من الناس يؤمن بأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق المالك المدبر لجميع الأمور، وأنه سبحانه وتعالى المستحق لما يستحقه من الأسماء والصفات لكن يعبد مع الله غيره لم ينفعه إقراره بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات.
9