فأقسم الله تعالى بربوبيته لرسوله صلى الله عليه وسلم التي هي أخص ربوبية قسماً مؤكداً على أن لا إيمان إلا بأن نحكم النبي صلى الله عليه وسلم في كل نزاع بيننا، وأن لا يكون في نفوسنا حرج وضيق مما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن نسلم لذلك تسليماً تامًّا بالانقياد الكامل والتنفيذ فالجواب على هذا: أن الأمر بالصدقة من الحلي ليس فيه إثبات وجوب الزكاة فيه ولا نفيه عنه، وإنما فيه الأمر بالصدقة حتى من حاجيات الإنسان ونظير هذا أن يقال: تصدق ولو من دراهم نفقتك ونفقة عيالك
لقد اختلف أهل رحمهم الله في وجوب في الحلي المباح على خمسة أقوال: - أحدها: لا زكاة فيه، وهو المشهور من مذاهب الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله إلا إذا أعد للنفقة، وإن أعد للأجرة ففيه الزكاة عند أصحاب أحمد، ولا زكاة فيه عند أصحاب مالك والشافعي، وقد ذكرنا أدلة هذا القول إيراداً على القائلين بالوجوب، وأجبنا عنها

زكاة الذهب الملبوس

فإن قيل: لعل هذا حين كان التحلي ممنوعاً كما قاله مسقطو الزكاة في الحلي.

25
حكم زكاة الذهب الملبوس
فهل يأثم المسلم بهذا التشبه؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير
نور على الدرب
قيل: الجواب على هذا من ثلاثة أوجه: - الأول: أن البيهقي قال فيه: إنه باطل، لا أصل له، وإنما يروى عن جابر من قوله وعافية بن أيوب مجهول، فمن احتج به كان مغرراً بدينه
رسالة في بيان حكم زكاة الحلي المباح
فالمقصود أن الراجح أن الحلي من الذهب والفضة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول ففيها الزكاة، والنصاب عشرون مثقالًا من الذهب، أحد عشر جنيه ونصف سعودي، ومن الفضة: مائة وأربعون مثقالًا، يعني ستة وخمسين ريالًا فضة وما يعادلها
فإن قيل: قد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تصدقن يا معشر ولو من حليكن"، وهذا دليل على عدم وجوب الزكاة في الحلي، إذ لو كانت واجبة في الحلي لما جعله النبي صلى الله عليه وسلم مضرباً لصدقة التطوع فالجواب: أن بعض هؤلاء روي عنهم الوجوب، وإذا فرضنا أن لجميعهم قولاً واحداً، أو أن المتأخر عنهم هو القول بعدم الوجوب، فقد خالفهم من خالفهم من الصحابة، وعند التنازع يجب الرجوع إلى الكتاب والسنة، وقد جاء فيهما ما يدل على الوجوب كما سبق
المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم

رسالة في بيان حكم زكاة الحلي المباح

الإجابة: الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

27
حكم زكاة الذهب الملبوس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجموع و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد التاسع عشر - كتاب زكاة النقدين
زكاة الذهب الملبوس
فإن قيل: ما الجواب عما استدل به مسقطو الزكاة فيما نقله الأثرم؟ قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: خمسة من كانوا لا يرون في الحلي زكاة: أنس بن مالك، وجابر، وابن عمر، وعائشة، وأسماء
رسالة في بيان حكم زكاة الحلي المباح
فإذا بلغ الحلي نصاباً خالصاً عشرين ديناراً إن كان ذهباً، ومائتي درهم
رواه الطبراني والبيهقي، ورواه الدارقطني من حديثه مرفوعاً وقال: هذا وهم والصواب موقوف وإذا كان حلي الفضة ينقص وزن فضته عن مائتي درهم وليس عند صاحبه من الفضة ما يكمل به النصاب فلا زكاة فيه
اليهود والنصارى ؟ قال: فمن؟! قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة بسوارين من نار، فألقتهما وقالت: هما لله ورسوله»، وكانت أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها تلبس أوضاحًا من ذهب، فقالت: «يا رسول الله! فإن قيل: إن في لفظ الحديث: " وفي الرقة في مائتي درهم ربع العشر" وتأمل أيضاً المناسبة بين المقسم به والمقسم عليه، فالمقسم به ربوبية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، والمقسم عليه هو عدم إلا بتحكيم النبي صلى الله عليه وسلم تحكيماً تامًّا يستلزم الانشراح والانقياد والقبول، فإن ربوبية الله لرسوله تقتضي أن يكون ما حكم به مطابقاً لما أذن به ربه ورضيه، فإن مقتضى الربوبية الخاصة بالرسالة أن لا يقره على خطأ لا يرضاه له

رسالة في بيان حكم زكاة الحلي المباح

وفي حديث علي: " وليس عليك شيء حتى يكون لك عشرون ديناراً"، والرقة هي الفضة المضروبة سكة، وكذلك الدينار، هو السكة، وهذا دليل على اختصاص وجوب الزكاة بما كان كذلك، والحلي ليس منه.

حكم زكاة الذهب الملبوس
والمعتبر وزن ما في الحلي من الذهب أو الفضة، وأما ما يكون فيه من اللؤلؤ ونحوه فإنه لا يحتسب به في تكميل النصاب، ولا يزكى أعني اللؤلؤ ونحوه من الجواهر الموجودة في الحلي؛ لأنها ليست من الذهب والفضة، والحلي من غير الذهب والفضة لا زكاة فيه، إلا أن يكون للتجارة
حكم زكاة الذهب الملبوس
نور على الدرب
وبعد: فإن على العبد أن يتقي الله ما استطاع ويعمل جهده في تحري معرفة الحق من الكتاب والسنة، فإذا ظهر له الحق منهما وجب عليه العمل به، وأن لا يقدم عليهما قول أحد من الناس كائناً من كان، ولا قياساً من الأقيسة أي قياس كان، وعند التنازع يجب الرجوع إلى الكتاب والسنة فإنهما الصراط المستقيم، والميزان العدل القويم، قال الله تعالى: { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَْخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}، والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول هو الرد إلى سنته وهديه حيًّا وميتاً