العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 16، ص 57 | |
---|---|
وفي هذا الصدد يقول الدكتور سامي عنقاوي مدير مركز أبحاث الحج سابقًا ومن الناشطين في مجال الحفاظ على الآثار الإسلامية والذي أشرف على عملية تنقيب دار السيدة خديجة عليها السلام، وذلك في مقابلةٍ مع قناة الحُرّة: "حينما بدأت التراكتورات بـ العمل، أسرعنا في تحديد موقع دار السيدة خديجة، وقد استغرق التنقيب عن المنزل ٤٠ يومًا، معتمدين على الخرائط القديمة التي تعود للعهد العثماني، حيث أزلنا الحوائط القديمة للمبنى الذي كان مبنيًا عليه، ثم سوّرناه بـ سور حديدي للحفاظ عليه، وقد وجّهت رسالة إلى السلطات المعنية منبّهًا إياهم في أهمية الحفاظ على المبنى لما يحتويه من معالِم مهمة كـ وجود حجرة كان يتعبّد فيها النبي وحجرة أخرى كان يستقبل فيها الوفود والضيوف، إلا أنَّ الخوف من السلطة الدينية قد حال دون أن يترك أثره"، وفي رده على سؤال مقدِّم البرنامج ماذا حلَّ بـ الدار؟، يقول: " قد تحوّل إلى مبنى عام لاستخدام الخدمات العامة"، ويستوضح المتسائل: ماذا تعني من المبنى العام؟، يطأطأ الدكتور رأسه أسفًا وحزنًا ويكرر: "مبنى عام لخدمات عامة"، ويواصل المحاوِر بإلحاح متسائلًا: "أ تعني مبنى للـ الحمامات؟"، ويصمت الدكتور برهة من الزمن حذرًا أن لا تسقط دموعه ثم يقول: "من الصعب أن أقوله، وهو يحز نفسي ويؤلمني كثيرًا، لكن بكلِّ أسف نعم" | سئل عبد الله المحض والد ذي النفس الزكية: من أين لأسنان الإمام الصادق عليه السلام هذا الجمال والنصاعة والتألق بحيث أنّها تجذب كل من رآها؟ فأجاب قائلاً: لا علم لي، ولكن أعلم بأنّ خديجة عليها السلام كانت كذلك، وأنّ الزهراء عليها السلام ورثت عن أمّها ذلك الجمال والتألّق أول سيّدة في الإسلام لقد كانت السيّدة خديجة عليها السلام على دين أبيها إبراهيم عليه السلام وذلك قبل أن يُبعث الرسول الكريم صلى الله عليه وآله، وكانوا يُعرفون بالحنفاء، وقد آمنت في اليوم الأول من بعثة المصطفى صلى الله عليه وآله، كما جاء في الحديث الشريف: أوّل من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله من الرجال علي عليه السلام ومن النساء خديجة عليها السلام عندما رجع الرسول الكريم صلى الله عليه وآله من غار حراء وهو ينوء بثقل الرسالة العظيمة، كانت السيّدة خديجة عليها السلام في استقباله حيث قالت له: أيّ نور أرى في جبينك؟ فأجابها: إنّه نور النبوّة، ومن ثمّ شرح لها أركان الإسلام، فقالت له: «آمنت وصدّقت ورضيت وسلّمت» أول سيّدة مصلّية كانت السيّدة خديجة أول سيّدة في الإسلام تصلّي، إذ أنّه لسنوات طويلة انحصر الإيمان بالدين الإسلامي بخديجة عليها السلام والإمام علي عليه السلام، وكان الرسول الأعظم يذهب إلى المسجد الحرام ويستقبل الكعبة وعلي عليه السلام إلى يمينه وخديجة خلفه، وكان هؤلاء الثلاثة هم النواة الأولى لأمّة الإسلام، وكانوا يعبدون معبودهم الواحد إلى جانب كعبة التوحيد |
اشتهرت السيّدة خديجة عليها السلام بالجمال والكمال والثروة والشرف الرفيع والعلم والحلم وصلابة في اتّخاذ القرار، ودقة في الرأي، ورأي سديد، وعقل راجح وفكر صائب، ومن الطبيعي أنّ من تجتمع لها صفات الكمال والفضل يتسابق الرجال إلى خطبتها والزواج بها، وهذا ما كان مع السيّدة خديجة حيث سارع رؤوس بني هاشم وأقطابها، لا بل وصل الأمر إلى ملوك اليمن وأشراف الطائف، الذين سعوا عبر إغداق الأموال والهدايا للفوز بقلبها، والتربّع على قمّة الشرف والمجد، لكنّها خذلتهم جميعاً، ووقع اختيارها على أمين قريش ومؤتمنها لكي يفوز بقلبها.
10لمحاورتنا كتابيا يمكنك التسجيل والكتابة عبر | في إحدى الحملات الوحشية لقريش انتشرت إشاعة اغتيال النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، فهامت السيّدة خديجة عليها السلام على وجهها في الوديان والصحاري المحيطة بمكة بحثاً عن حبيبها، وكانت الدموع تنهمر على خديها، فما كان من جبريل إلا أن نزل على الرسول الأكرم وقال له: لقد ضجّت ملائكة السماء لبكاء خديجة عليها السلام، أُدعُها إليك وأبلغها سلامي وقل لها بأنّ ربّها يقرؤها السلام ويبشّرها بقصر في الجنة، لا صخب فيه ولا نصب 8 |
---|---|
هذا الدهر قد أنزلنا لنقارِن جنة المعلاة ومهبط الوحي والتنزيل مع هذه النظائر |
دار الأرقم بن أبي الأرقم من أهم الآثار العربية في الجاهلية والإسلام، كانت مركزاً لاجتماع الصحابة مع رسول الله، فيها أسلم حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب، كانت تقع على يسار جبل الصفا، ولكن تمت ملاحقتها من قبل رجال الدين، وهدمها عام 1955، ثم أدخلت المنطقة في توسعة المسجد الحرام في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز.
تتابع الدكتورة حماد، الخبيرة في التراث الإسلامي: "حتى بيت السيدة خديجة تحول للأسف دورة مياه، وطُمس خندق المدينة، وحُول شارعاً، للأسف لم يتم الحفاظ على الآثار النبوية، مع أنه كان يمكن الحفاظ عليها، وإدخالها في التوسعة، مع وضع سور حولها لكي يحافظ عليها، بعد أن تدخل في المسجد، ووضع لافتات توضح ذلك، بدلاً من إزالتها بالكامل" | ٦ من جانبٍ آخر وعلى مسافة قريبة من جنة المعلاة؛ يقع دار السيدة خديجة عليها السلام في زقاق الحَجَر، والذي يعتبر من مهابط الوحي والتنزيل، وكان يحتوي على محراب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم، ومكان ولادة سيدة نساء العالمين عليها السلام، ٧ ورغم تحوّل هذا المكان المقدّس إلى مسجد عبر مرور السنين إلّا أن بناءه الأثري والقديم - وعمره أكثر من١٤٠٠ عام- كان لا يزال باقيًا حتى عهدٍ قريب، ٨ وحينما حلَّ القرن الثالث عشر الهجري تعرّض للإهمال والهجران، وذلك حتى عام ١٤١٠ للـ الهجرة - ١٩٨٩ للـ الميلاد، حيث بدأت عمليات توسعة الحرم المكي، فقامت السلطات السعودية بإزالة الأبنية المحاطة بـ الحرم دون مراعاة لـ حرمة الآثار |
---|---|
بعد ذلك أعلنها على الملأ بكل صراحة: من ذا الذي في الناس مثل محمد وقال خويلد في مراسيم الخطبة: يا معشر العرب، لم تظلّ السماء ولم تقلّ الأرض رجلاً أفضل من محمد، فاشهدوا أنّي أنكحته ابنتي وأنّي لأفخر بهذا الارتباط المقدّس |
رويت عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله أحاديث كثيرة في مناقب السيّدة خديجة عليها السلام، نسلّط الضوء على بعضاً منها: 1.