يعني هذا الذي ذهب يتتبع عورات الناس هو الآن واقع في عورة فلينظر هذا الذي آذنه الله بالحرب: هل له إلى النجاة من سبيل؟! وذكر في معنى التجسس: "هو أن تتبع عين أخيك فتطلع على سره"
فلا نعلمه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، لكن المعني صحيح، عملا بقوله تعالى: جزاء وفاقا وقوله صلى الله عليه وسلم: من تتبع عورة مسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله والله الموفق وعند الطبراني من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيما رجل أشاع على امرئ مسلم كلمة، وهو منها بريء، ليشينه بها، كان حقا على الله أن يعذبه بها يوم القيامة في النار، حتى يأتي بنفاذ ما قال»

من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته

وكان عدي بن حاتم رضي الله عنه يقول: «الغيبة مرعى اللئام».

8
من تتبع عورة أخيه المسلم
والمتتبع لعورات المسلمين وإن يكن ساترًا لما يعلمه من تلك العورات فهو عن فضح سريرته وهتك عورته غير بعيد؛ لأن جزاء تتبُّع العورات عند الله هو هتك عورة من فعل ذلك وفضحه؛ لا مجرد جزائه بتتبع عورته؛ وهذا ما يجعل الأمر في غاية الخطورة لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد! وصنف آخر يصوّب نظره إلى عنصر الشر في الناس وإلى الرذائل فيهم ، ويتعامل معهم على أساسه ، وينشره فيهم فيؤذي نفسه ويؤذي الآخرين ، فهو كالذباب الذي لا يقع إلا على أقذر الأشياء ، وينشرها في الناس ويؤذي بها الأحياء
جواز ذكر الحديث المركب من روايتين صحيحتين
يأكلون لحم إخوانهم، وأسوؤهم الذين يقعون في أعراض الدُّعاة إلى الله وأهل العلم، ويتَّهمونهم بشتَّى التُّهَم بحُجَّة الإصلاح، ويُلبسون الغِيبة لباس النصيحة، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربِّه عز وجل: من عادى لي وليًّا، فقد آذنته بالحرب ؛ متفق عليه
(مدى صحة الحديث ( من ستر مسلما ستره الله فى الدنيا والاخره ومن فضحه فضحه الله على رؤس الخلائق
والمغتاب يدخله الله تعالى النار، فقد أخرج أبو داود، وأحمد عن المستورد بن شداد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أكل برجل مسلم أكلة، فإن الله يطعمه مثلها في جهنم، ومن كسي ثوبًا برجل مسلم، فإن الله يكسوه مثله من جهنم، ومن قام برجل مقام سمعة ورياء، فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة»
تتبع الله عوارته ومن تتبع الله عوراته وقد يُزيِّن الشيطان لبعض أهل العلم الغيبة بحُجَّة الجَرْح والتعديل؛ قال ابن الجوزي في تلبيس إبليس: "ومن تلبيس إبليس على أصحاب الحديث: قدح بعضهم في بعض طلبًا للتشفِّي، ويخرجون ذلك مخرج الجَرْح والتعديل الذي استعمله قدماء هذه الأُمَّة للذبِّ عن الشرع، واللَّه أعلم بالمقاصد"
وهنا أمور يجب التنبيه عليها : الأولى : أن الحديث يشمل المسلم - أي مسلم - ولا يستلزم نصره أن يكون معروفًا لدى من نصره؛ وإنما يجب نصره ويحرم خذلانه بمجرد أن يكون مسلمًا ويصدق عليه اسم الإسلام، وسواء كان ذاك المسلم المنتقص من عرضه حاضرًا أم غائبًا

ستر المسلم

واللعن هو الطرد من رحمة الله - جل وعلا - في الدنيا؛ فيحرم المسلم بذلك من موارد الخير ومفاتيح الفضل، وفي الآخرة أيضًا؛ حيث لا عاصم من أمر الله إلا من رحم! وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ الإيمانَ يكونُ بالقولِ والعَملِ والجوارحِ، وأنَّ المغْتابَ لم يَستقِرَّ الإيمانُ في قلبِه.

26
كشف عورة المسلم وخذلانه
وقال ابن القيم في مدارج السالكين: "ومن النَّاس من طبعه طبع خنزير: يمرُّ بالطَّيِّبات فلا يلوي عليها، فإذا قام الإنسان عن رجيعه فمَّه وهكذا كثير من النَّاس يسمع منكَ ويرى من المحاسن أضعاف أضعاف المساوئ فلا يحفظها ولا ينقلها، ولا تناسبه، فإذا رأى سقطة أو كلمة عَوْراء، وجد بُغيته، وما يناسبها فجعلها فاكهته ونقله والغيبة وتتبُّع عورات المسلمين من البغي الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: بابان مُعجَّلان عقوبتهما في الدنيا: البغي والعقوق صحيح الجامع
كشف عورة المسلم وخذلانه
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن من علامات أهل السعادة والموفقين للتوبة الإمساك عن عيوب الناس والفكر فيها فإنه في شغل بعيب نفسه ، فطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ، وويل لمن نسي عيبه وتفرغ لعيوب الناس ، هذا من علامة الشقاوة كما أن الأول من أمارات السعادة
من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته
قال مجاهد في قوله -تعالى-: وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ : وفيكم مخبرون لهم يؤدون إليهم ما يسمعون منكم وهم الجواسيس