وأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن؟ الجواب: هذا ما ينافي | فقد ثبت عن الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: لا يُغْنِي حَذَرٌ من قَدَرٍ، والدعاءُ ينفعُ مما نزل، ومما لم يَنْزِلْ، وإنَّ البلاءَ لَيَنْزِلُ، فيَتَلَقَّاه الدعاءُ، فيَعْتَلِجَانِ إلى يومِ القيامةِ ، والدّعاء هو: التّضرع لله -تعالى- والطّلب منه أن يدفع بلاءً أوضراً، أو يجلب خيراً، أو شكراً له على نعمة، والدّعاء من أفضل النّعم التي أنعم الله -تعالى- بها على عباده، فهي العبادة الوحيدة التي تغيّر القدر بإرادة الله -تعالى-، ولا تَناقض بين الدّعاء والقدر، فبالدّعاء تتحقق آمال العبد وتُقضى حوائجه ويُدفع عنه الهم والكرب، فهو كمن يأخذ بالأسباب ويتوكّل على الله -تعالى- بالدّعاء، ثمّ -تعالى- له من القدر |
---|---|
و يؤكد على كلامنا قول الله سبحانه و تعالى حين قال وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ، فكل شيء من حولك دليل على تأثرك بالدعاء حيث يقول الرسول إن الدعاء ينفع مما نزل و مما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء | ولا مُخالفة في ذلك أيضا لسبق العِلم، بل فيه تقييد المسببات بأسبابها، كما قُدّر الشِّبَع والرِّيّ بالأكل والشرب، وقُدّر الوَلَد بالوَطْءِ، وقُدّر حصول الزرع بالبذر |
وإذا كان أمر الكتابة يشغل باله : فليعلم أن الله قد كتب عليه : أن يعمل بالطاعات ، وألا يعمل بعمل أهل النار ، بمعنى : أنه قد فرض عليه ذلك ، وشرعه له ، وأمره به ، وهذا يكفيه دافعا للعمل.
هل الدعاء يغير القدر في الزواج ، فهناك قدرًا محتومًا | صحة حديث الدعاء يرد القضاء ، فإن القضاء نوعان: «المُعَلَّق والمُبرَم»، أما المعلق فليس معلَّقًا في علم الله تعالى، فالله عالم الغيب والشهادة، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، عِلمُه أزلي أبدي لا يتغيَّر، وهو بيد الملائكة وهذا النوع هو الذي يغيره الدعاء، وعن صحة حديث الدعاء يرد القضاء ، أضاف: «أما القَضَاءُ الْمُبْرَمُ أي المحتوم فلا يَرُدُّهُ شَىْءٌ، لا دَعْوَةُ دَاعٍ وَلا صَدَقَةُ مُتَصَدِّقٍ ولا صِلَةُ رَحِمٍ» |
---|---|
و من ثم سوف يتقابل الدعاء مع البلاء أو القدر و يتصارعان و الفوز هنا للأقوى و الأقرب إلى الله ، و الدليل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه و سلم وإنَّ البلاء لينزِل فيتلقَّاه الدُّعاءُ، فيعتلجان إلى يوم القيامة | ولهذا فإن الإنسان يحاسب على فعله، لأنه يفعله باختياره، فيمكنه فعل الخير كما يمكنه فعل الشر، وليس له أن يحتج بأنه مكتوب عليه كذا؛ لأنه لا يعلم بالمكتوب إلا بعد وقوعه، ولا يعلم نهاية الأمر، فقد يكون مكتوبا أنه بعد وقوع المعصية مثلا يدعو ويستغفر فيتوب الله عليه ، ويستقيم ويصلح، وهكذا، ولهذا لما سأل الصحابة رضي الله عنهم : "أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟" أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ثُمَّ قَرَأَ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى الْآيَةَ رواه البخاري 4949 ومسلم 2647 |
وَكُتِبَ ذَلِكَ في اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَيْضًا.
صحة حديث الدعاء يرد القضاء ، أما القضاء الْمُعَلَّقُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ في صُحُفِ الْمَلائِكَةِ الَّتي نَقَلُوهَا مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظ | عدم الإنشغال بالدعاء عن القيام بأمرا واجب |
---|---|
صحة حديث الدعاء يرد القضاء ، أما القضاء الْمُعَلَّقُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ في صُحُفِ الْمَلائِكَةِ الَّتي نَقَلُوهَا مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظ | وَهُمْ لا يَعْلَمُونَ مَاذَا سَيَكُونُ مِنْهُ |
وَيَكُونُ دُعاؤُهُ رَدَّ القَضَاءَ الثَّانِيَ الْمُعَلَّقَ، صحة حديث الدعاء يرد القضاء ، وتابع: وَهَذَا مَعْنى الْقَضَاءِ الْمُعَلَّقِ أَوِ الْقَدَرِ الْمُعَلَّقِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ تَقْدِيرَ اللهِ الأَزَلِيِّ الَّذي هُوَ صِفَتُهُ مُعَلَّقٌ عَلَى فِعْلِ هَذَا الشَّخْصِ أَوْ دُعَائِهِ.