وأصحّ الأقوال في المُراد بآل البيت؛ أنّهم أزواج النبيّ وذُرّيته من نَسل عبد المطلب؛ أي بنو هاشم بن عبد مناف؛ فعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- رفض أن يمنحه شيئاً من الصدقات، وكذلك الفضل بن عبّاس، وقال لهما: إنَّ هذِه الصَّدَقاتِ إنَّما هي أوْساخُ النَّاسِ، وإنَّها لا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، ولا لِآلِ مُحَمَّدٍ | اهـ كلام شيخ الإسلام ابن تيمية |
---|---|
وليست هذه الحماية الربانية خاصة بالأنبياء فقط؛ ولكنها تحدث كذلك مع كل المؤمنين، نَعَمْ يكون الأمر واضحًا كمعجزة مع الأنبياء؛ لكن قد يفعله الله عز وجل مع المؤمنين دون أن يُطلع الناس عليه، فيأخذ عنهم أبصار أعدائهم في مواقف عدَّة |
فآل بيته صلى الله عليه وسلم هم أزواجه وذريته وقرابته الذين حرمت عليهم الصدقة هم أشراف الناس، وَقَالَ النَّبِيُّ — صلى الله عليه وسلم — « فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ » رواه البخاري ، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّى ، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي » وفي رواية في صحيح مسلم « إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّى يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا ».
29آل جعفر بن أبي طالب | الثانية :النواصب وهم الخوارج الذين نصبوا العداوة لآل البيت وآذوهم بالقول والفعل |
---|---|
ثم لأن مقام أهل البيت من مقام الرسول صلى الله عليه وسلم ،فهم في كل عصر وزمان ،خير الناس وخيرهم بيوتا ، لأن الله اختار نبيه من خير البيوت وأشرفها ، هذا فضلا عن أن حكمة الله في خلقه ، ورحمته بعباده ، اقتضت أن تستمر بأهل البيت ذرية سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين ، تشع بضيائها على العالمين وترشد بهدايتها الضالين ، وقد ثبت في صحيح مسلم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أَمَّا بَعْدُ أَلاَ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّى فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ » | وأشهد أن محمدا عبده ورسوله |
وحصروا أهل البيت في علي وأبنائه من فاطمة زوجته وابنه الحسن، ومن أبناء الحسين من الذكور الأكبر فالأكبر حتى بلغوا الاثني عشر فقط وأخرجوا منهم كل من سواهم من ذرية علي وفاطمة ب من الأولاد الآخرين من أهل البيت، حتى أخرجوا أولاد علي غير الحسين ي.
14ولذلك عندما أرادت أُمُّ سَلَمَةَ ل أن تدخل تحت الكساء فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنْتِ عَلَى مَكَانِكِ وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ » أي أنك قد ذُكِرْتِ بالآية فلا حاجة لدخولك تحت الكساء، وإنما أطلب من الله أن يضيف هؤلاء إلى أهل البيت | فإن فارقوا السنة وتركوا الجادة ، وخالفوا هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وتلبسوا بالبدع والمحدثات ، فإنه ليس لهم حق في الحب والتعظيم والإكرام والولاية ، حتى يرجعوا إلى السنة ، ويتمسكوا بها ، والواجب في هذه الحالة دعوتهم إلى العودة إلى الكتاب والسنة ، ونبذ ما سواهما من الأهواء والبدع ، وأن يكونوا على ما كان عليه سلفهم ، كعلي رضي الله عنه وسائر بنيه ، والعباس رضي الله عنه وأولاده |
---|---|
وقد تواتر النقل عن أئمة السلف وأهل العلم جيلاً بعد جيل ، على اختلاف أزمانهم وبلدانهم بوجوب محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإكرامهم والعناية بهم ، وحفظ وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيهم ، ونصّوا على ذلك في أصولهم المعتمدة ، أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم الخطبة الثانية محبة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وفضائلهم ، وكيف نحبهم؟ الحمد لله رب العالمين | كما يدل عليه قوله تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» الأحزاب:33 ، فهذه الآية وردت ضمن آيات تتحدث عن أمهات المؤمنين، كما يطلق إطلاقا أخص على أهل العباءة وهم: علي وفاطمة والحسن والحسين |
قَالَ: وَخَرَجَ لِهِلَالِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ.
16