والمرتبة الثانية من مراتب الدين مرتبة أهل الايمان المطلق الذين كمل إسلامهم وإيمانهم بإتيانهم بما وجب عليهم، وتركهم ما حرمه الله عليهم، وعدم إصرارهم على الذنوب؛ فهذه هي المرتبة الثانية التي وعد الله أهلها بدخول الجنة، والنجاة من النار كقوله تعالى: سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ | قال في التعليق: "وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله، فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصماً للدم والمال، بل ولا معرفة معناها مع لفظها، بل ولا الإقرار بذلك فقط، بل ولا كونه لا يدعوا إلا الله وحده لا شريك له، بل لا يحرم ماله ودمه حتى يُضيف إلى ذلك الكفر بما يُعبد من دون الله |
---|---|
قال الإمام الشافعي في كتاب الأم | فإذاً الإيمان لغة التَّصديق، وأن التَّصديق يكون بالقلب واللسان والجوارح، وهكذا الإيمان الشَّرعي: عبارة عن تصديق مخصوصٌ، وهو ما يسمى عند السلف بقول القلب، وهذا التَّصديق لا ينفعه وحده بل لابد معه من الانقياد والاستسلام، وهو ما يُسمى بعمل القلب، ويلزم من ذلك قول السان وعمل الجوارح، وهذه الأجزاء مترابطة لا غنى لبعضها عن بعض |
وإن اجتهد فيها وأخطأ فله أجر واحد على اجتهاده وسيأتي دليل ذلك.
أثبته بعضهم ولم يعد الضمير في قام الراجع إلى زيد مثلاً لعدم ظهوره | فخلاصة ما سبق: أنَّ الإيمان حقيقة مُركَّبة من قول وعمل، وأن القول قسمان: قول القلب: وهو الاعتقاد، وقول اللسان: وهو نطق كلمة الإسلام، والعمل قسمان: عمل القلب وهو نيته وإخلاصه، وعمل الجوارح كالصلاة وغيرها، فإذا زالت هذه الأربعة جميعاً التي هي: قول القلب، وعمل القلب، وقول اللسان، وعمل الجوارح، زال الإيمان كله، بمعنى أنه لو كان شخصاً ليس عنده شيءٌ من هذه يكون كافراً، إذا زال تصديق القلب لم تنفعه بقية الأجزاء، فإنَّ تصديق القلب شرطٌ في اعتقادها وكونها نافعة، وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصِّدق كأن وُجِد تصديق بالقلب، وعمل القلب لكن بدون عمل الجوارح أبداً ولا قول باللسان، فهذا ميدان المعركة بيننا وبين المرجئة، فأهل السُّنَّة مجمعون على زوال الإيمان، وأنَّه لا ينفع التَّصديق مع انتفاء عمل القلب وهو محبته وانقياده، كما لم ينفع إبليس وفرعون وقومه واليهود والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق الرسول بل ويقرون به سراً وجهرا ويقولون ليس بكذَّاب، ولكن لا نتَّبعه ولا نؤمن به، فإذاً وهذا ما سنتحدث عنه بالتَّفصيل إن شاء الله |
---|---|
الثالث: اعتقاد أنَّ الله تعالى هو الإله الحقُّ المستحِقُّ للعبادة وحدَه لا شريك له، فلا تنبغي العبادة إلا له، ولا يستحقُّها أحدٌ سِواه، وإفراده تعالى بجميع الطاعات على الوجه الذي شرع، وأنْ يُطاعَ نبيُّه - صلى الله عليه وسلم - فيها ويُتَّبع، وترك الشِّرك والبِدَع | الظاهرة: أفعال البدن من الواجبات والمندوبات |
وإلى ما هو أخف كنسخ قوله تعالى بقوله تعالى.
} ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون} | والساهي والصبي والمجنون، غير داخلين في الخطاب، لانتفاء التكليف عنهم |
---|---|
الباطنة: كأعمال القلب، وهي تصديق القلب وإقراره | وأما قول اللسان: فهو إظهار هذا الإيمان وقوله وتلفظه بشهادة أن لا إله إلا الله، أو ما يقوم مقامها في حال البدء، كأن يقول الرجل: آمنت أو أسلمت أو دخلت في دين الإسلام، أو شهدت بأن الله حق، إلى آخر ذلك، ثم يلتزم بسائر العبادات والشرائع، ومنها: وهو أولها وأعظمها: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فهذا هو قول اللسان |