وعلى هذا لا يكون معنى إله مطابقاً لمعنى الرب كما يظنه من لم يفهم حقيقة الفرق بينهما، مما أدى إلى أخطاء شنيعة في معرفة حقيقة التوحيد والشرك | فإذا صار تقدير الخبر بكلمة حق صوابا من جهتين: - الجهة الأولى: أن النزاع بين المشركين وبين الرسل كان في استحقاق العبادة لهذه الآلهة، ولم يكن في وجود الآلهة |
---|---|
فهو سبحانه وتعالى المستحق للعبادة دون ما سواه، وهو الذي تعبده القلوب محبة وإجلالاً وتعظيماً، وذلاً وخضوعاً وخوفاً وتوكلاً عليه، ودعاءً له، فلا يُدعى إلا الله، ولا يستغاث إلا به، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يصلى إلا له، ولا يذبح تقرباً إلا له، فيجب إخلاص العبادة له سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ البينة:4 | قال ابن كثير: "قال ابن عباس وغير وَاحِدٍ: يُعَظِّمُوهُ، {وَتُوَقِّرُوهُ} مِنَ التوقير وهو الاحترام والإجلال والإعظام"، وقال السعدي: "أي: تعظموه وتُجِّلوه، وتقوموا بحقوقه صلى الله عليه وسلم" |
كما ذكرنا إليكم مرارا عبارة صاحب السنوسية وعبارة أهل الكلام في ذلك.
19ومن الأدلة من الكتاب والسنة على هذا الشرط: فمن الكتاب: قوله تعالى: فمن الكتاب قوله تعالى:: إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ الزمر2،3 ، ومن السنة ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركتُه وشركه | بل هو مذهب معلوم الفساد من الشريعة لمن وقف عليها |
---|---|
ومن عبد الله تعالى مخلصاً له محققاً معنى لا إله إلا الله فسينال سعادة عظيمة وانشراحاً وسروراً وحياة كريمة طيبة، فليس للقلوب أنس حقيقي ولا اطمئنان وراحة بال إلا بإفراد الله تعالى بالعبادة، كما قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَة النحل: 97 | ٢٠ وقال عبد الرحمن بن حسن: لا ريب أن الشهادة لا تكون شهادة إلا إذا كانت عن علم ويقين وصدق، وأما مع الجهل والشك فلا تعتبر ولا تنفع؛ فيكون الشاهد والحالة هذه كاذبًا؛ لجهله بمعنى الذي يشهد به |
قال ابن رجب: "ومن ترك الشهادتين خرج من الإسلام" | |
---|---|
والأصل في الشهادة: أن تكون عن حضور ومشاهدة حسية | المحبة، وضدها الكراهية والبغضاء، وعلامة حب العبد ربه تقديم محابه وإن خالفت هواه، وبغض ما يبغض ربه وإن مال إليه هواه، وموالاة من وإلى الله ورسوله ومعاداة من عاداه، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثره وقبول هداه |
قال في فتح المجيد: وقد أجمع العلماء على أن من قال: "لا إله إلا الله" ولم يعتقد معناها، ولم يعمل بمقتضاها: أنه يقاتل حتى يعمل بما دلت عليه من النفي والإثبات.
22